الجمعة، 24 ديسمبر 2010

كارثه جده







لإزرقاق عينيكي ألق باذخ وهدوء الشامخ بما وهبه الله من نعم
يمر به الباحثون عن ألوان لحياتهم الباهته فيحطوا برحالهم على شاطيء عينيكي بعضا من أزمنتهم
وحينما يجلجل الرعد وتكتسي السماء شيئا من السمره يهرع القوم إلى حضنك الدافي ليناموا ملء أجفانهم ويسهر الناس جراهم ويختصموا




هذا ماكتبته ذات مساء شجي من تلك السنوات التي قضيتها في المدينه المنكوبه وكنت آنذاك أدرس بالمرحله الجامعيه وهي المرحله التي عادة ماتزدحم أيامها ولياليها بالأحلام والأمال والخطط المستقبليه
وفي جده للأحلام مذاق يشبه الشهد وللأمال رائحه الزعفران وللفراغ ألوان قوس قزح وللطيش فضاء رحب وللطموح أرض خصبه
وهي حنونه كأم , حانيه كــكــفي كهل , كريمه كالديم وكـ وفره أكسجينها وتفاؤل أهلها
ومن صحبت من الجداويون آنذاك هم كالظلال يتفيئهم الغرباء والأصدقاء والأقارب , فرقتنا السنون وبقيت لهم من الذكريات أجمل مايمكن أن يمر بذاكرتي عن عمري الممتد من طفولتي وشغبها إلى صباي وطيشه إلى شبابي وإنكاساراته المتتاليه وفي آخر ركب الذكريات تأتي كارثه الأربعاء الأسود والسيول التي أجتاحت شرقي جده وشنقت ضحكات الأطفال وألعابهم وأحلام الكبار وأمالهم وقتلت مع من قتلت مابقي من ذكرياتي التي بقيت تتجول في شوارعها منذ سنوات
لم تعد جده كما كانت وقد ضاق صدرها الصغير وأنفاسها المضطربه برائحه المسك التي تنفثها البحيره الشهيره في رئتها المتعبه
لم تعد كذلك وقد إمتلأ قلبها المنهك بأحزان الثكالى والأيتام فقست
وشاخت وترهل جسدها وشاخ بأوردتها حلم النمو والتطور وذبلت شوارعها وعزف ذويها عن الهروله إلى حضنها خوفا من أن تبتلعهم
فقد إبتلعت مائه ونيف من أبنائها ومازالت أنيابها مهيئه لقضم المزيد منهم

جده
لم تعد عروس البحر فقد تحولت إلى غول بشع وتحولت ذكرياتها الجميله في مخيلتي إلى صور وقصص الذين غرقوا وهم يتجرعون مراره الحزن والآسى وخيبه الأمل وودعو الدنيا على صيحات أطفالهم وهم يستغيثون بهم وقد خالطت أدمعهم السيول التي جرفتهم

تلكم هي الحسناء التي تحولت إلى غول


اللهم ألطف بنا وتغمدهم بواسع رحمتك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق